حب
ثائر
استوقفتني كثيرا أبعادا رسمها الكاتب جعلتني أتأرجح بين اقرار بقبول ورفض بتحفظ.
لقد
اجتاح الحاسوب حياتنا وتحولنا بمرور الوقت لأدوات تستخدم وتشدنا نحو أزرار وألوحة
حروف وشاشات تربطنا وتجذبنا نحو المجهول... ربما حب الحاسوب يختلف كثيرا عن حب
"منى" و"أحمد" في أفلامنا المصرية . ومع تكرار الشخصيتان الا
أن الخلفية الزمانية والمكانية والحدثية جميعها تختلف...
الخلفية
الزمنية: بعد احداث ثورة 25/يناير
بخمسة عشر يوما... المكان: حجرة تضم "فتى" هو "أحمد" و
"فتاة" هي "منى" ... الحدث: أعين معصوبة غرفة مظلمة
... ومن
حيث
كان الميعاد بلقاء عند تمثال "عمر مكرم" الثائر, كان الموعد
بين
"منى" و "أحمد" حيث أرض الواقع ...فجأة كلاهما أصطحبه مجهول
لمجهول ...
غرفة واحدة تجمعهما وهما لايعلمان..
مصير واحد ينتظرهما وهما يجهلان
...
وبعد ساعات يتفتق الصمت ببدء حوار وتعارف يأخذهما من عتمة الجهل بهويتهما
للحظة التنوير عنهما وعن سبب الجمع بينهما. فقد تطوع جهاز أمن الدولة بالجمع
بينهما وتجنيبهما جذوة اللقاء في خضم نار مستعرة حتى لايفقدا روعة اللقاء الأول.
وفروا لهما جهازيين حاسوب وبدأ كل منهما يتواصل مع رفاقه أو بالصح يستفسر عما حدث
للآخر فيكتشفان الحقيقة أن منى هي ذات الفتاة التي تشاركه الغرفة وأن أحمد هو ذات
الفتى الذي فك وثاقها ...
وبالطبع
كل شيء مرتب ومنسق من قبل "موفقيين اثنين بالحلال"
اتخذوا من الحب ذريعة
لمعرفة كنه هذه الأحداث ويقفون على الحقيقة التي حيرتهم؟ كيف لكل هذا الجمع الغفير
أن يجتمع في لمح البصر ويملي ارادته على عتاة النظام وأدواته؟؟؟ الاجابة لم تأتي
شافية ولم تأتي مواتية الرياح بما تشتهي السفن. الحدث كان روعة اجتماع لحب وعشق
وطن ... جمع طوائف الأمة من شباب وشيوخ ونساء وأطفال جميعها يتغنى في حب مصر.
سنوات صمت عقبها انبلاج فجر جميل ينكسر فيه القيد ... وتحل فيه ألجمة الألسن وينطق
القلب بما ضاق به الصدر... حب ثائر فتق صمت الدجى وأرسى قواعد جديدة لحب كبير أكبر
من حب منى وأعظم من عشق أحمد...
خلف
أزرار الحاسوب كل شيء مباح ... فالحب لايشبه الحب الذي يولد بالنظرة والابتسامة
وشحنات من هنا وهناك ... عجيب هذا الجهاز , مع أنه صنع عقول بشرية وافراز فكر آدمي
الا أنه نجح في اخضاعنا لحكمه , وجعلنا أدوات تخضع لضغطة أزراره فباشارة منه
يقعدنا أمامه لساعات ... يتصاغر أمامها أي عشق آخر , معه نتغاضى عن صلة الرحم,
وننسى مع سحره الأصدقاء, ونتنازل عن نزهة في هواء طلق, ونبقى فقط بعشقه مشدوهين...
التجمل
واجب قومي لسكنى الحاسوب ... لاحدود... لاطبقية... لا مؤهلات ... ولا أيديولوجيات
...
الفتاة تتجمل وبذكاء رشيق تخفي عيوبها ... ان كان فقرا تتجمل بمساحيق
الاتجاهات السياسية أو الدينية لتبرر عدم أهمية هذا لها... وأن ماهي عليه من حال
زهد لتوافه الأمور وأرفع عن كل أمر يخرج عن قضايا وطن أو دعوة لدين... والفتى ان أجاد
التجمل فرض السطوة وأملى عليها أفكاره التي يواري بها أيضا جثمان عيب خطير قد
لايكون له فيه ناقة ولا جمل... دوما الهوية لاتعنيهم... فتيات وفتيان ... وباحثين
وباحثات عن هوية ... كل يسير لما هو باحث عنه...
الفيسبوك
: تقليدا اتبعته جامعة "هارفارد" العريقة والغرض منه تجميع طلاب الفرقة
النهائية من جميع الكليات بالجامعة حتى تتيح التواصل بين الأفراد بعد التخرج. ومن
هنا أصبح الفيسبوك ضرورة ملحة واحدى احتياجات العصر. وأصبحت أكبر شريحة مستخدمة له
شريحة العرب. فيقوم الشاب أو الشابة بانشاء صفحة تضم أفكارهم وتتناسب مع أهوائهم
... والصفحة قد تصبح صفحات بعدة أسماء بعضها حقيقي والبعض الاخر مستعار , المهم أن
تكون الصفحة جاذب هام للفتيان ( وهذا مطلب الفتيات ) وجاذب للفتيات (وهذا مطلب
الشبان) . من خلال صفحة شاب سكندري "خالد سعيد" لقي حتفه بعد ممارسة
رجال الشرطة والمخبريين تعذيبه وقمعه حتى الموت. ومن هنا انطلقت شرارة الثورة
وجثمانه كان الحريق الذي أشعل الكثيرون ودفعهم للتظاهر كرمز لجزء من الفساد.
اشعال فتيل ثورة أخرجت المصريين من صمتهم...
فنفضوا عنهم أثمال الخضوع والخنوع والسلبية... وألبستهم أثواب العافية والثورة
والعزة... أخيرا وجدوا أنه قد آن الأوان لترك العشق الحاسوبي والنزول للميدان وليس
أروع من نزول حب الكتروني لأرض الواقع... "منى" كانت تتبنى فكرا
وأيديولوجية سياسية دوما مايتبناها كل حالم من ذوي الدخل المعدم, وغالبا مايعجب
الفتى الثري بهذا ويراها مكملة ومكللة لحاجات يملكها... فيترك ابنة خالته مع أنه
كان غير ممانع للارتباط بها ووقع في عشق "منى" ...
هنا
توقفت "من جاء أولا البيضة أم الفرخ؟" أحمد لم يكن معترضا على شيء وكان
معجبا بوضعه وربما متباه به ... فجأة تعرف على فكر منى التي بدورها تبث له سخطها
على نظام يقصي الآباء في رحلة جهاد خارج مصر ليرجعوا بحفنة أموال بعد غربة يدفع
ثمنها الآباء والأبناء والأسرة... مصر غنية (مبدأ يبيح أخذ حق معلوم من مالها بغض
النظر عن أي اعتبارات أخرى). حب الواقع يقر الطبقية, فالتكافؤ مطلب ديني واجتماعي,
هكذا خلقنا بعضنا فوق بعض طبقات, منا المتعلم والجاهل والمتوسط التعليم... وحده حب
مصر لايعرف الطبقية... يتصاغر امامه كل حب...
حب
مصر ... حب ثائر ... والثائر هو الابن والابنة والزوج والزوجة ... حب مصر واجب وأعلاؤه
فرض قومي ... كل يحب مصر بطريقته ... وكل يرى حبه هو الأسمى والأجل... الثوار
ثائرون في حب مصر , ماضون ويرون أن كل من يخرج عن نطاق ثورتهم مغتصب, مارق,
ومدمر...
ان أردنا تغيير
النظام , كيف نغير من أنفسنا؟ وهل غيرنا النظام؟ ذلك ما يطرحه الكاتب بحرفية شديدة
حيث يضعنا أمام أنفسنا متسائلين... هل تغير النظام؟ وان تغير النظام الذي أسقطناه
, هل نجحنا في تغيير مفاهيمنا الاجتماعية؟ هل تجاوزنا حدود الفانتازيا الالكترونية
للواقعية التغيرية؟
نظم متسق يجب أن
يدرك كله لأننا جزءا من هذا النظم. تحديد المطالب ... وضوح الرؤى... بقي جانب
تجسيد شخصية رجل أمن الدولة والتي تعكس أحادية الرؤية لرجل الشرطة في مصر وتعميم
النسخة لتكويم اسقاطات رواسب لانريد أن نتخلى عنها... كمن يريد لعشماوي أن يمسك
بيمينه مقصلة وفي يساره وردة...
رؤية ثاقبة ودلالات
تطرحها نهاية مفتوحة لفهم فنتازيا الالكترونيات وواقعية ثورة,,,